الصورة: البطيحة هية اليوم
المنتزه المسمى ( بارك هيردين )
جاء اسم البطيحة من (الماء المستنقع)، وصفها القلقشندي الذي كتب في سنة 1459 بأنها موضع في ناحية صفد، أما البطيحة الحديثة فصنفت كمزرعة في (معجم فلسطين الجغرافي المفهرس)، الذي وضع أيام الانتداب البريطاني على فلسطين.
في موسم العام 1944 \1945، كان ما مجموعه 3842 دونما من أراضيها مخصصا للحبوب، و 238 دونما مرويا أو مستخدما للبساتين.
يشير موقع البطيحة إلى أنها كانت هدفا للاحتلال في سياق عملية "مطاطي –المكنسة" التي نفذها عناصر عصابة "الهاغاناه"، المتفرعة من عملية "يفتاح"، حيث كان الهدف من عملية "مطاطي"، التي نفذت في 4 أيار \ مايو 1948، ( تطهير) منطقة شمالي بحيرة طبريا وغربي نهر الأردن.
ويقول المؤرخ الإسرائيلي بني موريس إنها ساهمت مساهمة كبيرة في إضعاف معنويات سكان المنطقة كلها، سوغ عناصر العصابات الصهيونية هجومها به، فهو أن سكان القرية كانوا يضايقون القوافل اليهودية المنطلقة من مستعمرة "روش بينا"، وتلك احتلت محي وسوي بالأرض في اليوم التالي، على أيدي الصهوني "لغامي البلماح"، وقد أسفرت عملية مطاطي عن تهجير 2000 لاجئ إلى سوريا، .
كان تعتبر أراضي منطقة البطيحة من أغنى المناطق بالمياه والتربة الخصبة، وتقع ضمن إطار ما تسميه الصهاينه "بالجولان النافع"، حيث كانت أنظار الحركة الصهيونية تتجه إلى منطقة البطيحة منذ ثلاثينيات القرن الماضي، حين بدأت الوكالة اليهودية في محاولات بائسه لشراء الأراضي في منطقة البطيحة من أجل استعمارها والاستيطان عليها، خاصة منها الأراضي الملاصقة للشاطئ الشرقي لبحيرة طبريا.
بعد نكبة عام 1948 كانت البطيحة وقراها، البالغ عددها 21 بلدة وقرية، مركزا لتجمع اللاجئين الفلسطينيين، حيث التجاوا إلى قرى: البطيحة، المحجار، دير غزير، الرفيد، المساكبة، كفر عاقب، عمرة الفريج، قصيبة، الكرسي، الدوكا، القراعنة، القصير، كنف، قطوع الشيخ علي، جرمايا، السيبة، الدردارة، الجبيليه، المسعدية، الحسينية، غزيل.
وتضم منطقة البطيحة جغرافياً جبال وأودية، وسهول، وتلال، وتبلغ مساحتها الكلية 53980 فدان من الأرض، حيث تتألف من قسمين: قسم سهلي منبسط هلالي الشكل طوله 12 كيلومتر، وعرضه 1,5 كيلومتر، وفي أودية الصفا والدالية ووادي الزاكية تجعل من مساحته 18 ألف دونم تروى من قناتي الشيدة والعفريتية. وقسم جبلي تنمو فيه بكثافة الأشجار الحراجية المعروفة، وأشجار الفاكهة المتنوعة.
وفي 11\12\1955
هاجمت القوات الإسرائيلية قرية البطيحة، بهدف تدمير أربعة نقاط عسكرية أمامية للجيش السوري، انطلقت القوات الإسرائيلية من مستعمرة "عين غيف"، تساندها المدافع والرشاشات والطائرات والزوارق الحربية، وأسفر هذا الاعتداء عن استشهاد خمسين مواطنا أعزلا من أبناء القرية والقرى المحيطة بها، وأسر 30 مواطنا ومجندا سوريا، ومقتل حوالي 20 من القوات العدو الإسرائيلي وجرح 50 آخرين. وقد تخلل هذا الهجوم تدمير عدد من منازل القرى السورية وقتل سكانها تحت ركامها، وسلب ما وجدوه من مال ومتاع، وذلك بحسب تقارير لجنة الهدنة المشتركة التابعة العاملة ضمن قوات الأمم المتحدة في المنطقة.
وتم تهجير سكان القرية، بعد احتلالها في عدوان حزيران عام 1967، إلى مخيم الوافدين في دمشق الذي يبلغ عدد سكانه اليوم ما يقارب الـ25 ألف نسمة، وأقامت إسرائيل مكان القرية مستوطنة تسمى "راموت".
اشتهرت ناحية البطيحة بثروتها الزراعية والسمكية والحيوانية، وذلك لتوفر مجموعة من مقومات نمو وتطور هذه الثروة، وكان أهالي البطيحة يمارسون تربية الحيوانات، كالأبقار والأغنام والجواميس، بجانب صيد السمك والزراعة.
في العام 1961، أقامت السلطات الإسرائيلية مستعمرة "ألمغور"، على أراضي القرية، وثمة منتزه يعرف بـ (بارك هيردن) على بعد 200 متر تقريبا إلى الجنوب من الموقع.
لم يبق إلا بعض حيطان الحجر البازلتي الأسود من المنازل المدمرة، وينبت شجر الدوم والزيتون بين تلك الأطلال، ويبقى من معالم الموقع.
وفي الطرف الشمالي من الموقع ينبت بعض أشجار الكينا الباسقة, فضلا عن آجام صبار متفرقة. وثمة قناة اصطناعية للمياه تمتد من الشمال إلى الجنوب، وتنعطف شرقا في جوار الطرف الشمالي للموقع.